بسم الله الرحمن الرحيم
موسوعه تاريخ مصر الفرعونيه
أولا: تقسيم تاريخ مصر القديمه " الفرعونى":
**************************************
اتفق المؤرخون الحديثون على تقسيم تاريخ مصر القديمة الفرعونية إلى ثلاثة أقسام رئيسية هى :
الدولة القديمة والوسطى والحديثة وتمثل كل دولة من هذه الدول عصراً من عصور الازدهار والتقدم ، وتضم عدداً من الأسر الفرعونية التى حكمت مصر الموحدة. يترأس هذه الدول أشهر ثلاثة ملوك قاموا بتوحيد شطرى البلاد وهم نارمر (مينا) منتوحتب الثانى وأحمس الأول . وقد سبق عصر الدولة القديمة عهد عتيق شمل الأسرتين الأولى والثانية ، أرست فيه أسس الحضارة المصرية ودعمت خلاله اركان الدولة المصرية. كذلك مرت البلاد بعد كل دولة من تلك الدول بعهد ضعف سيطر فيه الأجانب على جزء من البلاد وقرب نهاية التاريخ الفرعونى تمتعت البلاد بعصر نهضة يعرف بالعصر الصاوى ، حاول فيه المصريون أن ينهضوا ببلدهم من جديد ويحيوا مجدها القديم ، وقد قسم المؤرخون هذا العصر الفرعونى إلى واحد وثلاثين أسرة حاكمة .
ويمكن تقسيم هذا العصر إلى العصور الإتية :
1- العصر العتيق :
ويبدأ حوالى عام 3200 ق.م ويشمل الأسرة الأولى والثانية ومن أهم ملوكها الملك " مينا " موحد القطرين وتم فيه وضع أسس الدولة الموحدة وعاصمتها " منف" .
2- عصر الدولة القديمة :
ويبدأ حوالى 2780 ق. م وتشمل الأسر الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة ومن أهم ملوكها الملك " زوسر" صاحب أول هرم فى مصر واول استخدام للحجر فى مصر ومن ملوكها أيضا خوفو ـ خفرع ـ منكاورع . وشهدت البلاد فى هذا العصر ازدهار فى كافة مجالات الحضارة المعمارية والعقائدية وبدأ ظهور عقيدة الشمس منذ أوائل الأسرة الخامسة.
3- عصر الاضحلال الأول :
ويبدأ حوالى 2281 ق.م ويشمل الأسر السابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة ، فبعد انتهاء الأسرة السادسة انفلت زمام الحكم من يد الملك وساد الانحلال السياسى والتفكك الإجتماعى ورجعت البلاد إلى ما كانت عليه قبل الوحدة من انقسام وتفرق وقامت حرب أهلية وانتشر فيه الفقر والبؤس وتلاشت السلطة المركزية .
4-عصر الدولة الوسطى :
ويبدأ حوالى 2134 ق.م . ويشمل الأسرتان الحادية عشر والثانية عشر ، بعد نجاح الملك " منتوحتب " الثانى فى توحيد البلاد مرة آخرى وظهر نجم مدينة " طيبة" الأقصر كعاصمة للبلاد حتى أنشأ الملك " امنمحات " الأول عام 2000 ق.م " ايثت تاوى " اللشت الحالية عاصمة لمصر فى الفيوم . وشهد هذا العصر تقدم فى العمارة والفن والأدب ونهضة شاملة للحضارة المصرية .
5-عصر الاضحلال الثانى :
ويبدأ حوالى 1778 ق.م .ويشمل الأسر الثالثة عشر والرابعة عشر والخامسة عشر والسادسة عشر ، فى نهاية الدولة الوسطى دخلت مصر فى فترة ضعف حيث قوى نفوذ حكام الأقاليم وتقاتلهم وادى هذا إلى أعطاء الفرصة لقبائل صغيرة أطلق عليها المؤرخ مانيتون أسم "الهكسوس" الذين استخدموا ضد مصر العجلات الحربية واخضعوا شمال البلاد لسيطرتهم لمدة مائة عام وجعلوا " أواريس " صان الحجر عاصمة لهم وسيطر النوبيون على الجزء الجنوبى للبلاد . ولم يبقى من مصر المستقلة سوى جزء صغير يحكمها فيه ملوك " طيبة " الأقصر .
6ـ عصر الدولة الحديثة :
ويبدأ حوالى 1570 ق.م ويشمل الأسر الثامنة عشر والتاسعة عشر والعشرين . ويعتبر "أحمس" الأول هو مؤسس الدولة الحديثة بعد محاربته للهكسوس والنوبيين وإعادة الوحدة للبلاد ووضع حجر الأساس للأمبراطورية المصرية حيث اهتمت مصر بإنشاء جيش قوى منظم ساعد على أقامت هذه الامبراطورية وإمتدت الحدود المصرية حتى شمال سوريا وجنوب إلى وسط افريقيا ومن أهم ملوك هذه العصر " امنحتب " الثالث ـ نفرتيتى ـ اخناتون ـ حاتشبسوت ـ توت عنخ أمون ـ رمسيس الثانى ـ رمسيس الثالث . وكان هذا العصر عصر إنفتاح على العالم وشهدت مصر ازهى عصورها فى شتى مجالات الحضارة معماريا وزراعيا وأدبيا وعسكريا وأصبحت مصر تنعم بالرخاء وهذا ما يسجله أثار الدولة الحديثة فى الأقصر وإبى سمبل .
7-(العصر المتأخر (عصر النفوذ الأجنبى:
ويبدأ حوالى 1085 ق.م . ويشمل الأسرات من الحادى والعشرين وحتى الحادى والثلاثين ، وفيها انقسمت مصر إلى دويلات استخدمت فيها الأسرة العشرين الجنود الليبيين المرتزقة حتى تمكن أحدهم وهو " شيشنق " الأول إعتلاء عرش مصر وإنشاء الأسرة الثانية والعشرين وانفصلت النوبة عن مصر حتى تمكن ملوك النوبة من الاستيلاء على مصر كلها تحت حكمهم حوالى 720 ق.م وأسس ملكهم الملك " بعنخى" أول ملوك الأسرة الخامسة والعشرين حتى دخل مصر الملك "أشور بانيبال " الاشورى حتى طردهم الملك " ابسماتيك" واعلن نفسه ملكا على مصر 663 ق.م وهو ما يعرف بالعصر الصاوى وحاول إعادة أمجاد الفراعنة الأوائل ، حتى غزا الملك " قمبيز" مصر سنة525 ق.م وضم مصر إلى الامبراطورية الفارسية وحطم العاصمة " طيبة " وقامت ثورات ضد الفرس عدة مرات حتى عاد الفرس مرة أخرى عام 341 ق.م حتى دخلها الاسكندر الأكبر عام 332 ق.م وضمها إلى ملكه . وبذلك ينتهى العصر الفرعونى ويبدأ العصر البطلمى .
--------------------
- العصر العتيق ( الاسرتان 1 و 2 ) : 3200 ق.م 2780 ق.م
الأولى : 3200-2980 ق.م
من ملوكها : مينا ( نارمر ) ـ أنى الأول ـ مربى با .
الثانية : 2980-2880ق.م
من ملوكها : حتب ـ برايب سن ـ خع سخم وى .
2- الدولة القديمة ( الأسرات 3-6 ) : 2780-2280 ق.م
الثالثة : 2780-2680ق.م
من ملوكها : زوسر ـ سخم خت ـ حونى .
الرابعة : 2680-2650 ق.م
من ملوكها : سنفرو ـ خوفو ـ خفرع ـ منكاورع – شبسسكاف.
الخامسة : 2560 – 2420ق.م
من ملوكها : اوسركاف – ساحورع - اوناس .
السادسة : 2420-2280 ق.م
من ملوكها : تتى ـ بيبى الأول ـ بيبى الثانى .
3- عصر الاضمحلال الأول : ( الاسرات 7-10 ) 2281- 2134ق.م
السابعة :2280
من ملوكها : سبعون ملكا حكموا سبعين يوماً فقط .
الثامنة : 2280-2242 ق.م
من ملوكها : نفر كارع ـ كارع إنى ـ نفر إركارع.
التاسعة : 2242-2133 ق.م
من ملوكها : أختوى الأول .
العاشرة : 2133-2052 ق.م
من ملوكها : اختوى الرابع ـ مرى كارع ـ أختوى الخامس .
4 - الدولة الوسطى ( الاسرتان 11،12 ) 2134 – 1778 ق.م
الحادية عشر : 2134-1991 ق.م
من ملوكها : منتوحتب الأول ـ منتوحتب الثانى ـ منتوحتب الرابع .
الثانية عشر : 1991-1778 ق.م
من ملوكها : امنمحات الأول ـ سنوسرت الثانى ـ سنوسرت الثالث.
5-عصر الاضمحلال الثانى ( الاسرات 13-17 ) 1778-1570 ق.م
الثالثة عشر : 1778-1625 ق.م .
من ملوكلها : سوبك حوتب الأول ـ سمنخ كارع ـ سوبك حتب الخامس .
الرابعة عشر : 1778-1654 ق.م .
من ملوكها : حكمها 72 حاكماً .
الخامس عشر : 1675-1567 .ق.م
من ملوكها : خيان ـ ابيبى الأول ـ أبيبى الثانى .
السادسة عشر : 1670-1567 ق.م
من ملوكها : عنت ـ عا مو ـ إبيبى الثالث .
السابعة عشر : 1660-1657 ق.م
من ملوكها : رع حوتب ـ سقنن رع ـ كا مس .
6ـ الدولة الحديثة ( الاسرات 18- 20 ) 1570-1080 ق.م
الثامنة عشر : 1570 – 1304 ق.م
من ملوكها : أحمس الأول ـ أمنحوتب الثالث ـ تحتمس الثالث ـ توت عنخ آمون .
التاسعة عشر : 1304-1195 ق.م
من ملوكها : رمسيس الأول ـ سيتى الأول ـ رمسيس الثانى.
العشرون : 1195-1080 ق.م
من ملوكها : رمسيس الثالث ـ رمسيس السادس ـ رمسيس الحادى عشر.
7- العصر المتأخر ( الاسرات 21-30 ) 1085-332 ق.م
الواحدة والعشرين : 1085-950 ق.م
من ملوكها : حريحور ـ بسوسنس الأول ـ سى آمون .
الثانية والعشرين : 950-730 ق.م
من ملوكها : شاشنق الأول أوسركون ـ شاشانق الثالث .
الثالث والعشرون : 817 ـ 730 ق.م
من ملوكها : بدى باست ـ شاشنق الرابع .
الرابعة والعشرون : 730-715 ق.م
من ملوكها : تف نخف ـ باك أن دنف .
الخامسة والعشرون : 751-656 ق.م
من ملوكها : بعنخى ـ شباكا ـ طهرقا .
السادسة والعشرون : 663 ـ 525 ق.م
من ملوكها : بسمتك الأول نكاو ـ أحمس الثانى .
السابعة والعشرون : 525-404 ق.م .
من ملوكها : قمبيز ـ دارا الأول ـ خشيارشا.
الثامنة والعشرون : 404 ـ 398 ق.م .
من ملوكها : آمون حر .
التاسعة والعشرون : 398-378 ق.م .
من ملوكها : نفرتيس الأول ـ هكر .
الثلاثون : 378-341 ق.م .
من ملوكها : نختنبو الأول ـ نختنبو الثانى .
الملـك
كان نظام الحكم فى مصر القديمة ملكياً يتوارث فيه الابناء عن الآباء وهو ما عرفه المؤرخون بالاسرات الحاكمة وكلمة " فرعون " من أصل الكلمة القديمة فى اللغة المصرية " برـ عو" تعنى البيت الكبير أو الكائن فى القصر الملكى . وهو الممثل على الأرض للإله ، والمتصرف فى كل الأمور وإليه كل ما على الأرض فى مصر ويدين له بالولاء كل من عليها وحين يموت فينتقل إلى السماء ليلحق بركب أبية "رع ابو ألآلهة. وأثناء حياته هو ابن لهذا الآله . وكان لكل ملك خمس أسماء ملك مصر الشمالية والجنوبية أبن الشمس ـ حورس ـ الإله الطيب ـ المنتمى للإلهيتين (شمال وجنوب مصر) إلى جانب العديد من الالقاب الأخرى .
وقد اشتهر ملوك مصر بارتدائهم الزى الملكى المميز والمكون من التاج والصدرية والمأزر والحلى والصندل وأن كان هناك العديد من التيجان المختلفة وصل عددها 6 أنواع يرتديها الملك فى المناسبات المختلفة .
البلاط الملكى
كان البلاط الملكى يتكون من طبقات متدرجة من خدم وعمال ورؤساء عمال وكتبه وموظفين ومستشارين كل منهم له عمله واختصاصه وألقابه ويشرف عليهم جميعاً المشرف على القصر ، هذا عدا الوزراء وقادة الجيوش . وكان لأم الملك الوصاية والولاية لابنها إن كان صغيرا إلى أن يكبر وينفرد بالحكم وفى بعض الأحيان تكون وصايته تحت كاهن .
وكان الملك يمارس كل أمور الحكم سواء الداخلية منها أو الخارجية إلى جانب قيامه بقيادة جيش مصر ضد أعدائها . وتعيين حكام الأقاليم والإدارات المختلفة ، حيث فى معظم الفترات كانت مصر مقسمه إلى 42 إثنان وأربعين ولاية وكل منهم مسئول أمام الملك عن مقاطعتة وتصريف أمور الولاية وكان يلقب بلقب" عدج مر " أو "سشم" ومن أعمالهم أيضا الإشراف على القضاء وجباية الضرائب .
وكان هناك " بيت المال" أى وزارة المالية وهى المختصة بتحصيل الإيرادات والضرائب وحصرها واتفاقها وإرسال ما يخص القصر الملكى والجيش وغيرها من الإدارات.
وكان القضاء أيضا فى بعض الأحيان تحت إشراف الملك يحث يرسل إلى الملك للأحكام القضائية لإصدار الحكم فيها خاصة قضايا سرقات المقابر والقتل والخيانة أو التزوير الخ .
فمن هناك نجد أن نظام الحكم فى مصر له هيكله الخاص قمته الملك وقاعدته عامة الشعب وهو الشكل الهرمى للمجتمع .
كان لموقع مصر المتميز جغرافيا وما حباها الله من نعم سبباً فى طمع العديد من الشعوب فى أرض مصر ، لذا نجد أن مصر واجهت العديد من الهجمات العدائية من الشرق والغرب والجنوب عبر تاريخها الطويل ومع بداية العصور التاريخية ، بل وقبلها .
لذا نجد أن مصر عرفت الكثير عن العسكرية وأنشئت لها جيش قوى لحماية حدودها المختلفة سواء على البر أو فى البحر ، أيضا إقامة الحصون والقلاع على الحدود المصرية للدفاع عن مصر مزوداً بحامية كبيرة لها قائد وكان يطلق عليها " أبواب المملكة " ومع بداية الدولة القديمة وجدنا أن الجيش المصرى وإدارته قسمت إلى عدة إدارات :
1- إدارة الأسلحة 2- المخازن والتموين 3- صناعة السفن الحربية.
وقسم الجيش نفسه إلى فيالق لكل منها قائد يطلق عليه ( أمى ـ رامشع ) وكل فيلق يتكون من عدة فرق "عبرو" لكل منها قائد وكان هناك برامج تدريب للجيش وإعداده فنيا وبدنيا وإلى جانب إمداده بالسلاح والملابس .
فمن هذا نعلم أن مصر عرفت منذ قديم الأزل الجيش النظامى القائم على أسس علمية من حيث التشكيل والتدريب على الأسلحة كذلك أساليب القتال المختلفة وتكنيك الحرب ، فهناك المشاة والعربات الحربية وحاملى الرماح ورماة النبال وكذلك هناك الأسطول وعمليات نقل المؤن والجيوش والأبرار وغيرها من فنون القتال .
كذلك كان هناك الاهتمام بالجندى اجتماعيا بأعطاؤه قطعة أرض تكون له ولأسرته مع اعفاؤة من الضرائب وأعمال السخرة حتى يكون مؤهلا نفسيا لقتال دون قلقه على آسرته . ومع ذلك لم تكن الخدمة العسكرية وراثية ولكنها فى بعض الأحيان الزاميه لكل فرد حتى يكون مستعدا للدفاع عن وطنه .
وبذا تسنى لمصر الخوض فى العديد من المعارك الحربية ضد أعداء مصر سواء فى آسيا أو أفريقيا سواء على الحدود المصرية أو خارجها فى إدغال أفريقيا ضد النوبيون والأفارقة أو ضد الآسيويين حتى شمال سوريا والعراق أو ضد شعوب البحر والليبيين فى الغرب ، واستطاعت مصر الحفاظ على أراضيها ضد الأعداء وعندما كانت تنهار المؤسسات فى مصر وتضعف كانت سهلة المنال ويستعمرها الأعداء إلى أن يتم تحررها مرة أخرى مرة تلو المرة عندما تتوحد جهود أبناؤها . وكانت من المعتاد بعد المعارك الحربية وخاصة الشهيرة مثل معارك تحتمس الثالث ورمسيس الثانى ورمسيس الثالث خلال الدولة الحديثة كان الملوك فى خلال الاحتفالات بالنصر لاينسون الجنود والضباط من يظهر منهم من الشجاعة والإقدام فيتم منحهم النياشين والأوسمة والألقاب والمكافئات والهبات ما يزيد من تفانيهم فى حماية مصر .
الحياة الاجتماعية فى مصر القديمة:
****************************
كانت الحياة الاجتماعية هى العمود الفقرى للحضارة المصرية بكل أوجهها وفروعها ،
فهى اللبنة الأولى لمصرى القديمة التى على أساسها ثم بناء الهيكل الأساسى لهذه الحضارة. فالأسرة هى الأساس ، لذا وجدنا أن تكوين الأسرة عند قدماء المصريين كان أمرأ بالغ الأهمية يوصى الرجل به أبنه ليخلد ذكراه ويعينه فى الحياة ليعمل مع أبيه جنبا إلى جنب سواء فى الفلاحة والصيد أو صنعته .
ولقد عمل المجتمع المصرى على رفع شأن الأسرة ومن يكون صاحب أسرة يستمتع بمكانة عظيمة وكذلك رفع من شأن الأم واحترامها بنفس كيفية معاملة الأب . أيضا استطاع المجتمع المصرى الحفاظ على العلاقات الأسريه بين أفراد الأسرة سواء الأب والأم من جهة وبين أولادهم وأولاد أولادهم من جهة أخرى وأوصى المجتمع بضرورة حب الزوج لزوجته وأولاده والعمل على راحتهم ونجد هذا واضحا فى مظاهر المحبة والألفة والاحترام المتبادل بين أفراد الأسرة وذلك على آثارهم سواء مقابر أو أثاث أو لوحات أو تماثيل .
وقد لعبت المرأة فى مصر القديمة دوراً كبير فى المجتمع المصرى بتربية أولادها وتهذبهم وتعليمهم وتوفير سبل الراحة سواء فى المنزل والأعمال المنزلية أو مساعدة زوجها أو العمل خارج المنزل . لذا كانت تعتبر نصف المجتمع ، حازت بأحترام وحقوق لم تحصل عليها أية امرأة فى أى مجتمع أخر .
والمجتمع المصرى ، كما هو الحال فى كافة المجتمعات ينقسم إلى أسر مختلفة وكانت العلاقات الأسرية فى العائلات أو القرى أو المدن تقوم أيضا على الحب والتعاون يربط بينهما مهما باعدت بينهما المسافات فهناك علاقة بين أفراد الأسرة وبين الأسر فى القرية وبين القرى الأخرى وبين البلدان الأخرى فهو نسيج متكامل مترابط ساعد على تكوين شعب واحد يتميز بالترابط الإجتماعى .
ومع وجود العديد من الطبقات الاجتماعية المختلفة فهناك الطبقة الحاكمة الملك وأسرته وأعوانه وكبار رجال الدولة ـ ثم طبقة متوسطة من الموظفين وصغار ضباط الجيش والجنود والصناع ـ ثم طبقة الفلاحين والعمال والخدم . ومع ذلك كان هناك رابط يجمع كل طبقة بالأخرى بدون حدوث فجوات أو خلل اجتماعى يؤدى إلى الثورات الاجتماعية بين الطبقات ـ حيث أن كل طبقة رضيت بوضعها وكان هناك دائما جانب يذوب تدريجيا فى كل طبقة ويندمج فى الجانب الأخرى فى الطبقات الأخرى ، فهى طبقات متجانسة وليس متنافرة. اللهم إلا فى بعض الفترات البسيطة لا تتعدى عشرات السنون من عمر الحضارة المصرية البالغ عمرها ثلاثة الآلف سنة .
فكانت الطبقة العليا هى المسئولة عن الطبقة التى تليها فى حمايتها وأطعامهم وكسائهم ، فبالتالي يزيد انتماء هذه الطبقة للطبقة الأعلى بل وتتفاخر بانتمائها إليها فلا تحقد عليها . وهذا سر من أسرار الحضارة المصرية ، هو التماسك الإجتماعى لذا نجد أن الأجيال تتعاقب وتتوالى دون انقطاع تمتد إلى آلاف السنين قانعين هانئين بهذا التقسيم الطبيعى .
:
الحياه اليوميه فى مصر القديمــه:
***************************
لم تكن حياة المصريين القدماء كلها كداً وتعب ، بل كثيرا ما كان يلجأ المصرى إلى المرح واللهو البرىء ولقد تعددت لدى المصريين ألوان كثيرة للتسلية والترفيه منها : ـ
الأعــياد
تعددت الأعياد فى مصر القديمة مثل عيد رأس السنة الزراعية مع بداية الفيضان وعيد الحصاد ومن الأعياد الدينية موكب الآلة آمون وأعياد الآلهة المختلفة وكذلك الأعياد الملكية الخاصة بالملك مثل التتويج والعيد الثلاثينى . وكان المصريين القدماء حريصون على الاشتراك فى هذه الأعياد يستقبلها بمظاهر البهجة والسرور كل فرد من أفراد المجتمع المصرى بكل طوائفه مع الأشتراك فى الرقص والغناء وكل طقوس هذه الأعياد .
وكان من أهم هذه الأعياد أيضا أعياد النصر بعد عودة الجيوش المصرية منتصرة على أعدائها حيث يتم تقديم العطايا لمعابد الآلهة ويتم تكريم قادة الجيوش واستعراض قوات الجيش المختلفة بأسلحتها ومركباتها وأعلامها وجنودها وخلفها الأسرى من الأعداء وهذه الأعياد كانت تعمل على رفع الروح المعنوية للشعب المصرى ومن أهم هذه الاحتفالات احتفالات الملك تحوتمس الثالث الذى قاد الجيش المصرى ستة عشر معركة ضد أعداء مصر وأنتصر فيها جميعاً وكذلك معارك رمسيس الثانى ومعارك رمسيس الثالث خلال الدولة الحديثة حيث أقيمت احتفالات خيالية عمت كافة البلدان .
الحفـــلات
مع احتفال المصريين القدماء بالأعياد القومية ، كان هناك أيضا العديد من الحفلات الخاصة داخل الأسرة الواحدة أو القرية مثل حفلات الزواج والمناسبات السعيدة . حيث يدعون الأهل وأحباب والجيران لمشاركتهم حفلاتهم حيث يتم إعداد الموائد العامرة بالأطعمة والشراب ويستمعون إلى الموسيقى والغناء ومشاهدة الرقص وقد امتازت حفلات الدولة الحديثة بمظاهر الترف والبذخ فى الثياب والطعام … ألخ .
وكانت هذه الحفلات من أهم عوامل رقى العلاقات الاجتماعية فى مصر بين أفرد المجتمع سواء الغنى منهم أو الفقير . وكانت هذه الحفلات مجالاً واسعا لإظهار المواهب الفنية من موسيقيين ومغنيين وراقصين . وقد استخدام المصرين القدماء من الموسيقيين العديد من الآلات الموسيقية المتنوعة من آلات وترية وأدوات نفخ أو إيقاع مثل الجنك والقيثاره والمزمار بكافة أنواعه والمصفقات النحاسية والعاجية وقد شكلت فرق كاملة للموسيقيين أو الراقصين شاركت فى الحفلات والأعياد بآلاتها وملابسها المميزة وكان الرقص المصرى القديم رقيقاً منسقاً وذو تعبير مع اختلاف انواع الرقص طبقاً للمناسبات المختلفة .
الصيد والقنص
ولع المصريين القدماء بالصيد والقنص ليس فقط كمهنة للتكسب منها ولكن أيضا كهواية سواء للغنى أو الفقير ، الملوك والنبلاء أيضا لعامة الشعب ومنها الصيد البرى للحيوانات وهى هواية الملوك منذ القدم حيث يتم الصيد بالعربات التى تجرها الخيول مع استخدام الحراب أو القوس والسهم لصيد الغزلان والأسود والنمور والحيوانات البرية ، كذلك صيد الطيور بالعصا المعقوفة كالأوز والبط والسمان إلى جانب صيد الأسماك .
أما عامة الشعب فكان صيد الأسماك من النيل هى ابسط أنواع الهوايات ويقوم بها أى فرد كذلك صيد الطيور بالشباك الخادعة أو الفخاخ وكان من اخطر هوايات الصيد فرس النهر .
الضامـــة
كان هناك أنواع أخرى من الألعاب للملوك والنبلاء تشبه الشطرنج الحالى أو الضامة يلعبها اثنان أو أكثر وهناك العديد والعديد من أنواع الألعاب البسيطة التى لازالت تمارس الآن من الفلاحين البسطاء .
الألعاب الرياضية
تعددت أنواع الألعاب الرياضية التى زاولها المصريون فى أوقات فراغهم مثل المصارعة والتحطيب والمبارزة والتسلق ورفع الأثقال والرماية والكرة وشد الحبل إلى جانب العديد من الألعاب الأخرى الخاصة بالصبيان والبنات والصغار . هذه المناسبات تعطى لنا فكرة عن حرص المصرى القديم على إسعاد نفسه ومن حوله بكافة الوسائل لإضافة البهجة والسعادة تعينه على تحمل العمل الشاق وكفاحه من أجل الحياة .
الأدب المصــــــــرى القديـــــــم
:
*************************
يعتبر أدب أى شعب هو المرآة التى تعكس لنا عقليته وأمانيه ويوضح لنا مدى تقدم هذا المجتمع والنضوج الذهنى لشعب هذا المجتمع .
وينقسم الأدب المصرى إلى أربع أفرع رئيسية
:
الأساطير الدينية:
وهى الخاصة بالآلهة وما يدور بين الآلهة وبعضها وبين الآلهة والطبيعة وهى تشير إلى حوادث حدثت فى الماضى البعيد مزجت بين حقائق وأحداث حدثت بالفعل وبين الخيال لدى الناقل والمدون أو الكاتب وتبدل فيها وأمتزج بين أحداث تاريخية قديمة وخرافات شطح فيها العقل ومن أهم هذه الأساطير : ـ أسطورة إيزيس وأوزوريس ـ أسطورة نجاة البشر ـ أسطورة حيلة إيزيس … الخ .
القصص:
ظهرت القصة فى مصر القديمة لغرض القصة ذاته وليس اعتماداً على أحداث وقعت أو لتفسير بعض القضايا المعروفة ولكن كقصة من خيال القاص أو الكاتب يكتبها من نسج خياله وقد بدأت القصة مع بداية العصور التاريخية ولقد أحب المصريين القدماء القصص وحفظوها وتناقلوها من جيل إلى جيل ووجدت تشجيعاً من الملوك لكتابها ومن هذه القصص الشهيرة قصة سنوحى المصرى ـ قصة الملاح والجزيرة النائية ـ قصة القروى الفصيح ـ قصة الملك خوفو والسحرة ـ قصة الزوجة الخائنة وغيرها من القصص.
الأناشيد والأغانى :
كان هناك العديد من الأناشيد الخاصة بالآلهة والملوك كان يرددها المصريين القدماء فى مدح الآلهة المختلفة والملوك ومن هذه الأناشيد : ـ ناشيد النيل الخاص بـ " حابى " إله النيل لافضاله على مصر وخاصة أيام الفيضانات . ناشيد " أخناتون " والذى يخاطب فيه الملك اخناتون لإلهه الجديد " آتون " وهو القوة الكامنة فى قرص الشمس وقد كتب اخناتون العديد من هذه الأناشيد الجميلة والذى نقل عنه جزء من المزمور رقم 104 من مزامير داود فى التوراة .
الأغانى والشعر :
كان هناك أنواع من الأغانى الجامعية للفلاحين فى الحقل أثناء العمل وجنى المحاصيل ، كذلك العمال والصيادين كل يعمل ويستعين على العمل الشاق بالغناء سواء الجماعى أو فردى ويرد عليه المجموع .
وكان يوجد أيضا الأغانى الوطنية للانتصارات وعودة الجيوش من ميدان القتال مثل نشيد أو أغنية " أونى ".
وهناك العديد من أغانى الشعر ذات الوزن كان يتغنى بها الأفراد ويحرص بعض النبلاء على تسجيلها فى مقابرهم للاستمتاع بها فى العالم الآخر منها أغنية العازف على القيثارة . ومن الأغانى أيضا أغانى الحب والغزل ونلمس فيها العفة والحنان وأكثرها يكون حوار بين فتى وفتاة يبث لكل منهم مشاعره للأخر ومنها ما يتناول جمال الطبيعة من نيل وحقول وأشجار وطيور تنم عن مدى رقة أحاسيس المصريين القدماء ومعظم هذه الأغانى مكتوبة على أوراق البردى .
الكتـــــــابه فى مصـــر القديمــــه
:
**************************
لن ينس التاريخ فضل مصر على الدنيا كلها ، حين سجلت أول خطوة فى سبيل تقدم الإنسانية ، وأقدم محاولة للاستفادة من دور العقل البشرى ، إذ كان شعب مصر أول من أهتدى إلى الكتابة التى سماها الإغريق الخط الهيروغليفى ، أى المقدس وقد ساعدت الكتابة على نشر المعرفة وجمع التجارب والخبرة وتخليد المعلومات والأفكار .
ولا يعرف بالضبط الوقت الذى اخترعت الكتابة المصرية ، وأن كان من المؤكد إنها عرفت بشمال البلاد قبل جنوبها ومع قيام الوحدة بين شطرى البلاد وبداية العصور التاريخية على يد الملك نارمر أو مينا . وكان لإشتغال معظم المصريين بالزراعة أدى إلى تقدم الكتابة حيث أن الأشراف الحكومى على شئون الزراعة يتطلب تنظيم النواحى الإدارية وضبطها ومع بداية الأسرة الثالثة والدولة القديمة بدأت تتبلور الكتابة فى مصر وتأخذ شكلها النهائى . وشجع على تطور الكتابة وتقدمها كثرة المواد الصالحة للكتابة كالأحجار والشقافات وورق البردى .
وقد مرت الكتابة المصرية القديمة بتطورات عديدة ، وكتبت أول الأمر بإشارات مرسومة تمثل ما فى الطبيعية من إنسان وحيوان ونبات وطير وجماد ثم من أثار الإنسان أيضا وهو ما يسمى بالكتابة الهيروغليفية أى الخط المقدس الذى استخدام على جدران المعابد والمقابر والتوابيت ودون به معظم النصوص الدينية .
وكان لصعوبة الكتابة بهذا الخط كثير التفاصيل للعلامات تعذر استخدامه فى الشئون العامة ، فأختزله المصريين القدماء إلى نوع أخر للكتابة عرف بأسم الخط الهيراطيقى أى الكهنوتى وقد كتب على أوراق البردى والخزف والخشب والقماش ودون به معظم النصوص الأدبية وأدى هذا الخط إلى سرعة انتشار الكتابة والتعليم بين المصريين . ومع أواخر العصر المتأخر ظهر خط ثالث أكثر اختصارا من الخط الكهنوتى الهيراطيقى وكتب به اللغة الدارجة ويعرف هذا الخط بالديموطيقى أى الشعبى .
ومع بداية العصور المسيحية بدأ أنصار هذه الديانة التخلص من أثار الوثنية فكتبوا اللغة المصرية القديمة بالحروف اليونانية فظهر خط جديد أو لغة جديدة سميت باللغة القبطية ، وهى اللغة التى لا تزال مستخدمة حتى الآن فى الكنائس المصرية حتى يومنا هذا، ثم حلت محلها مع دخول الإسلام مصر اللغة العربية .
" تحوت " وكان فى نظرهم إله للحكمة ورسول العلم الذى أخترع الكتابة وأبدع التقويم والحساب والتقويم وقد مثل على هيئة قرد صغير . وإلى جانب " تحوت " كانت هناك ربة لكتابة هى " سشات " آلهة الحساب وبيت الكتب .
وتمتعت الكتابة فى مصر القديمة بمكانة عظيمة منذ أقدم العصور ، ورفعوا مكانة الكاتب بينهم منزلة عظيمة تحيطه الاحترام والتبجيل والتقدير وكان يطلق عليه لقب " سش" وكان لهذه المنزلة العظيمة للكاتب أن اتخذ الملوك والأمراء والحكام لقب الكاتب دلاله على علمه وثقافته وتعليمه .
التعليـــــم فى مصـــــــر القديمــــــــه
*****************************
صاحب اختراع الكتابة فى مصر القديمة ، ومعرفة المصرى القديم للكتابة والحساب وحاجته لتدوين الشئون العامة الإدارية إلى بداية اهتمامه بالتعليم لخلق جيل بعد جيل من الكتبة لإدارات الدولة سواء فى الشئون المالية والزراعية والإدارية كذلك بدء الاهتمام بالتعليم لتسجيل كل معرفة وعلم سواء دينى أو عقائدى أو دنيوى للاستفادة من هذه المعرفة. وقد اهتم كل ذى صنعه وعلم أو معرفة بتوريث هذا العلم إلى إبناؤه وأحفاده لتوارثوا هذا العلم ليحافظوا على مسيرته وكما اهتم الملوك والأمراء والنبلاء وقادة الجيوش بتعليم أبناؤهم اهتم أيضا العديد من أفراد عامة الشعب بالتعليم حيث تكون هناك فرصة لتبؤ مكانة عالية فى المجتمع المصرى والتخلص من واقعه وإيجاد مكان له بين علية القوم .
وقد أقتصر التعليم فى البداية على تعليم الصغار فى القصور الملكية وبيوت النبلاء وبعض مكاتب الإدارات لأعداد صغيرة من الأولاد المثقفين وكان التعليم يقتصر على معرفة مبادئ اللغة والحساب والمعلومات العامة . ثم بدء فى إعداد أماكن خاصة لتعليم الصبيان والبنات تلحق بالمعابد كفصول دراسية وفى نفس الوقت تم الاهتمام بدراسة المعلومات العامة والجغرافية والتاريخ إلى جانب تعلم اللغة والحساب .
أما عن فقراء المصريين والقانتين بعيداً عن المدن الكبيرة فكان التعليم على نطاق ضيق فى الأماكن المفتوحة فى الحقول تحت الشجر أو فى بعض الحجرات البسيطة التى تشبه "الكتاب" فى القرى . ومع أواخر الدولة القديمة وخلال الدولة الوسطى عرفت فى مصر بداية ظهور المدارس أو بيت الحياة " برعنخ" ودراسة مناهج دراسية محددة يختار الدارسين فيها نوع التعليم حيث ظهر بعض المدارس المتخصصة فى العلوم المختلفة كالهندسة والطب والتحنيط إلى جانب التعليم العام .
فنجد أن المدارس الملحقة بالمعابد تصطبغ الدراسة فيها بالشئون الدينية والعقائدية ، أما المدارس الملحقة بالإدارات الخاصة بالدولة تكون الدراسة معظمها لغه وحساب وتعليم الشئون التجارية والإدارية ، أما المدارس التى تكون ملحقة بالجيش فمعظم المناهج إلى جانب التعليم العام علوم عسكرية يتخللها التدريبات العسكرية التطبيقية وتعليم فنون القتال واستعمال الأسلحة وغيرها من العلوم العسكرية .
أما التعليم العام فكان يشمل مناهج عامة لدراسة اللغة المصرية وآدابها وعلومها من خط وهجاء وقواعد وآداب . كذلك الرياضيات بكل فروعها من حساب وهندسة والجبر . المعلومات العامة ومنها التاريخ والجغرافية ومبادئ الظواهر الكونية والبيئية والزراعية .
وفى كل من هذه المدارس مكتبات دون فيها العديد من فروع المعروفة كل حسب اختصاصه على أوراق البردى لتكون كتب ومراجع للدارسين ، يطلع عليها من يحتاجها يطلق عليها " بر ن سشو " أى بيت المخطوطات أو دار الكتب يقوم على إدارتها العديد من الإداريين والأمناء وجملة الأختام وكانت الربة الحامية لهذه المكتبات الآلهة "سشات" . وقد عرف المدرس أو المعلم فى دور العلم بألقاب كثيرة كان من أكثرها شهرة لقب " سباو" أى النجم أو الهادى أو المرشد أو المعلم ، فى حين أن التلميذ أو الطالب للعلم لقب بألقاب منها " نزز " أو " غرد" . وكان التلامـيذ يستخدمـون ألـواح الأرتواز والخشبية لكتابة بالبوص أو الأحجار ( طباشير) أو على أوراق البردى ويقوم المعلم بتصحيح الأخطاء ليتعلمها التلميذ بالمداد الأحمر ويقوم بإعادة كتابة الأخطاء ليتعلمها التلميذ الذى غالباً ما يكتب بالمداد الأسود . وإلى جانب المدارس والأماكن التعليمية البسيطة والمدارس المتخصصة الملحقة بالمعابد أو الإدارات الحكومية أو إدارات الجيش كان هناك مراكز ثقافية تعليمية كبيرة فى المدن الكبيرة وخاصة عواصم مصر التى لعبت دوراً كبيراً فى حياة المصريين سواء السياسية مثل منف والأقصر أو الدينية مثل عين شمس وإيبدوس .
وكان لكل مركز من هذه المراكز طابعه ومنهجه الخاص سواء من الناحية العقائدية حيث لها فلسفة معينة تشتهر بها إلى جانب العلوم الأخرى ، وكان يقصد هذه المراكز الدراسية من كل إنحاء مصر لتلقى العلوم والتعليم على ايدى علماء ذاع صيتهم خارج حدود مصر ، فنجد فى العصر المتأخر علماء من أوروبا ومؤرخون وفلاسفة يأتون إلى مصر لتلقى العلوم على يدى هؤلاء الأساتذة وينهلون من فضل الحضارة المصرية المعرفة والعلوم والفنون والفلسفة والطب وينقلونها إلى أوروبا التى كانت تعيش فى ظلام الجهل .
وهو ما يذكره التاريخ من فضل للحضارة المصرية على دول العالم فى كافة أنحاء العالم القديم والحديث ، حيث يعود الفضل للمصريين إلى معرفة التقويم وعلوم الفلك والطب والهندسة ـ ألخ وبدا كل عالم أوربى يفتخر ويتباهى بأنه درس فى مصر وعلى أيدى علمائها .
الزراعه فى مصـــــــر القديمـــــــه
****************************
مصر هبة النيل ، يأتى النيل بمياه فيضه كل عام فى ميقات معلوم ، فيعمر الشطأن والوديان ثم لا يلبث أن ينحسر عنها وقد كساها بطين دسم ، وهو من أخصب ما عرف فى العالم من طين . عرف المصرى القديم الزراعة حين استقر على ضفاف النيل ، حيث فرضت بحكم ظروف الوادى ، الذى تكتنفه الصحراء على الحياة المصرية الكد والكفاح لحماية الأرض ، واستخلاصها من عدوان الصحراء وحماية القرى والأراضي الزراعية بإقامة السدود من مياة الفيضان و رى الأراضى العالية بمد قنوات إليها .
وبفضل النيل انقسمت السنة عند المصرى إلى فصول ثلاثةهى :
فصل الفضيان وفصل البذر وفصل الحصاد
فإذا انحسرت مياه الفيضان وبرزت الأرض ، وتماسكت طينها ، انطلق الفلاح لزراعتها . وكان المصريون يزرعون من الحبوب القمح والشعير والعدس والفول والحمص والبازلاء والحلبة ومن الخضر الخص والبصل والثوم والكرات والقيثاء والخروع والكتان وكان يقوم بتقسيم الحقول إلى أحواض ويقوم بريها بالشادوف كذلك عمل على زراعة أنواع كثيرة من الأشجار بثمارها وخشبها وظلها . كذلك عرف زراعة الفواكه بأنواعها من أشهرها الجميز والتين والعنب والزيتون والرمان ، بل ونقل إلى مصر أنواع مختلفة من الأشجار من أسيا وأفريقيا .
فإذا حل موسم الحصاد ونضج الزرع عمل الفلاحين إلى الحصاد وجنى المحصول فى سعادة على أنغام الناى والغناء . وكان يتم حصر المحاصيل ومقاديرها لتدبير الاقتصاد القومى وتوفير الغذاء للشعب المصرى طوال العام لمواجهة إنخفاض النيل .
وقد أستعمل المصرى القديم فى الزراعة العديد من الآلات الزراعية وأهمها الفأس اليدوية والمحراث وآلة تسوية الأرض وللرى استخدام الشادوف والجرار وشق القنوات والترع وأقام السدود .
وعند الحصاد استخدم الشرشرة والفأس .
ولقد كان لحياة الزراعة فى نفس المصرى ما وجهه إلى تقديس آلهة مختلفة فعبد " حابى " رب النيل "و "اوزير" رب الخضرة والثمار والآلهة "سخت" ربة الحقول والآلهة "رننوت " ربه الصوامع للغلال و"سوكر" و"مين" للإنتاج والوفرة .
وكانت تعتبر مواسم البذر والحصاد مواسم وأعياد عظيمة ويشارك الملك فيها .
كان للزراعة أيضا دوراً فى تكوين الأخلاق للمصريين ، وكان خرق هذه الأخلاق تعتبر من كبائر الآثام التى يتبرأ منها يوم الحساب ، إذ يشفع له عند الآلهة أنه لم يقلل مساحة الأرض الزراعية ولم يحجز ماء عن أرض زراعية أو تجنى على حقوق جيرانه من الفلاحين .
وكثيراً ما صور الملوك أنفسهم وهم يقومون برموز تشير إلى الزراعة وشق القنوات أو الترع ومن أكبر المشاريع الزراعية شق قناة الملك " سنوسرت " الثالث من عهد الأسرة الثانية عشربالدولة الوسطى لربط النيل بالبحر الأحمر واضافة أراضى زراعية على جوانبها .
ولم يقتصر العمل فى الحقل على الرجال فقط بل شارك فيه أيضا السيدات جنب إلى جنب أزواجهن وأفراد أسرتهن وكذلك الأولاد والبنات خاصة أيام الحصاد . وشكلت الزراعة فى وجدان المصرى القديم عقائد مبعثها إيمانه بالبعث والحياة مرة أخرى حيث رأى فى نفسه أحد عناصر الكون كالشمس والقمر النيل والنبات فكما يتم كل منهم دورات حياة وموت ثم حياة ، فأيقن أنه أيضا بعد الوفاة سوف يحيى مرة أخرى بل ونجد فى تصوره للجنه فى العالم الأخر لابد وأن يقوم بزرع حقول الإله أوزير رب العالم الأخر، والذى كان هذا مقتصر على الأبرار من المصريين ، حيث يقومون بزرع حقول " يارو" .
من هذا نجد أن الزراعة فى مصر لعبت الدور الرئيسى فى تشكيل الحضارة المصرية ، التى قامت على الاستقرار فى وادى النيل وارتباط المصرى بأرضه وإقامة حضارة عظيمة أساسها الزراعة ، نمت فيه روح الارتباط والانتماء لها ،
فدافع عنها دفاعه عن عرضه وشرفه ، فأبقى على طول الزمان الشكل الرئيسى المتواصل للحضارة المصرية عبر عصور طويلة لم يطرأ عليها إلا القليل من التغيرات الهامشية وأبقت على روح الحضارة المصرية مهما تعرضت من احتلال، فكان هناك الاستمرارية لهذه الحضارة بكل أشكالها فرعونية يونانية رومانية إسلامية إلى يومنا هذا .
الصناعه فى مصر القديمه
*********************
استغل المصرى القديم المواد التى قدمتها له البيئة المصرية من أخشاب وأحجار ومعادن وعرف خصائصها وفوائدها واستطاع أن يصل إلى أفضل الطرق التى يستخدم فيها هذه المواد وكيفية تطوير هذا الاستخدام . وكان الصانع المصرى يرث غالباً صناعته عن أبيه وجده ويورثها لأبناؤه من بعده أجيال وراء أجيال مما ساعد على إتقان هذه الحرف والصناعات وتطويرها من جيل إلى جيل .
وقد برع المصرى القديم فى التوصل إلى استخلاص المعادن من الجبال والانتفاع بها كان أول هذه المعادن النحاس واستخرجوه من شبه جزيرة سيناء واستخدم فى صناعة الأواني والأسلحة . ثم أخذ فى خلط النحاس بالقصدير وعرف بذلك البرونز وهو اصلب من النحاس وصنع منه التماثيل والأزاميل وبعض الأدوات الأخرى . عرف المصرى القديم أيضا الحديد بكميات قليلة وأستورد الكثير منه من أسيا واستخدم على نطاق ضيق لصنع بعض الأدوات .
كذلك عرف المصرى الذهب وأظهر براعة منقطعة النظير فى استعمال الذهب لصنع الحلى والأسلحة والأوانى والتوابيت والأقنعة ، وهذه تدل على مدى براعة المصرى الفائقة والذوق الفنى العالى فى استخدام هذا المعدن وكانت أشهر محاجره أرض النوبة . وإلى جانب الذهب عرف معدن الفضة وكان استخدام الفضة محدود وخلط بالذهب وصنعوا منه سبيكة الالكتروم واستخدام فى الحلى والأوانى وفى التطعيم .
أما صناعة الأخشاب ، فلم تتوفر فى مصر أشجار تصلح أخشابها للصناعات الراقية مثل الجميز والسنط لذا عمل على استيراد الخشب الجيد من الأرز والسرو والأبنوس من غرب أسيا لصناعة المراكب والأثاث والتوابيت والأبواب وغيرها من الصناديق الخاصة بالحلى والملابس وغيرها وقد استخدم فى ذلك المنشار والقدوم والساحة والفئوس والمطارق والمثاقب .
ومن أهم الصناعات صناعة ورق البردى من نبات البردى الذى كثر زراعته شمال مصر بالدلتا وأصبح من أقدم أنواع الأوراق فى العالم وصلت هذه الأوراق فى بعض الأحيان إلى لفافات تصل إلى 45 متر طولاً وأصبحت مصر مركزا لصناعة هذا الورق ، وتم التصدير إلى الخارج .
ومن البردى أيضا صنعت الصنادل والمراكب الخفيفة والسلال والحبال والحصر والفرش . وكان الغزل والنسيج من أولى الصناعات فى مصر القديمة ، فعرف المصرى القديم النسيج من الصوف والحرير والكتان من نبات الكتان وهو يعتبر النسيج الأكثر شيوعاً وأخرج المصرى القديم منها أنواع غاية فى الرقة والدقة والشفافية وهى تعتبر أنواع فاخرة للملك والنبلاء .
ومن أهم الصناعات المصرية الزجاج واستخدام أول الأمر لعمل خرزات للحلى والأوانى والعيون للتماثيل وألوان الزجاج فى مصر الأسود والأخضر والأبيض والأحمر والأزرق والأصفر .
وتعتبر صناعة الفخار من أقدم الصناعات فى مصر وساعد على ذلك سهولة الحصول على المادة الخام من الغرين وقصر مدة عملها واستخدامه فى صناعة التماثيل والأوانى والطوب للبناء ونماذج للمنازل والأدوات الخاصة بالعقائد الجنائزية . وكان يقوم العامل باستخدام ألوان مختلفة لتكوين رسوم الأوانى أو للكتابة عليها .
الصناعات الحجرية وهى أيضا من أقدم أنوع الصناعات واستخدام أنواع مختلفة من الأحجار مثل الحجر الجيرى والجرانيت والبازلت والمرمر والشست والرملى لصناعة الحلى والتماثيل والأوانى والتوابيت واللوحات التذكارية واستخدم فى هذا الآلات المختلفة من أزاميل وقادوم ومناشير ، وبرع فى تشكيل أصلب أنواع الأحجار بدقة متناهية، تثير الدهشة. عرف أيضا المصرى القديم صناعة السيراميك والقيشانى وأقدم أنواع عثر عليها بسقارة تحت هرم الملك زوسر واستخدم فى صناعة التماثيل والتمائم والحلى .
التجـــــاره فى مصــر القديمـــه
*************************
مع بداية الدولة القديمة حوالى 2780 ق . م وقبل ذلك بقليل بدء المصريين القدماء فى الاتصال بجيرانهم فى الشرق فى أسيا عبر سيناء خاصة شواطىء فنيقيا حيث أخشاب الأرز وفى الغرب لليبيا ثم إلى الجنوب حيث بلاد النوبة وأواسط أفريقيا . وقد توطدت هذه العلاقات خلال الدولة الوسطى وزادت خلال عصر الامبرطورية ( الدولة الحديثة ) . وكان هذا الاتصال أحيانا سلميا عن طريق التبادل التجارى أو الدبلوماسى وأحيانا أخرى يكون حربياً عسكريا لتأديب من تسول له نفسه الاعتداء على مصر أو غزوا خارجياً لمصر . وقد نشأ عن النوع الأول من الاتصال أيام السلم تبادل تجارى على نطاق واسع ، فكانت السفن المصرية تجوب البحرين الأبيض إلى أسيا أو عن الطريق البر والبحر الأحمر للاتجاه جنوباً حيث سواحل أفريقيا وبلاد بونت أو عن طريق نهر النيل أو القوافل البرية .
فكانت مصر تستورد من سواحل الشام الأخشاب وخاصة خشب الأرز والمصنوعات الجلدية والمعدنية والخشبية والمنسوجات وأدوات من جزيرة كريت ومن الغرب كانت تستورد مصر من ليبيا الزيت ومن الجنوب من النوبة وأواسط أفريقيا والسودان الحاصلات الزراعية والأشجار والعاج والريش والحيوانات والبخور . ويظهر هذا فيما خلفه لنا المصريين على جدران المقابر وفى الأثار التى تم العثور عليها بالمقابر ، فتظهر المناظر أنواع الملابس والأثاث والأدوات التى استخدمها المصريين القدماء خاصة النبلاء وما عثر عليه من أثاث وأدوات وأوانى وحلى ….ألخ .
فى حين أن مصر كانت تصدر منتجاتها من الحلى والأوانى والكتان والبردى حتى لنرى أن الأسواق السورية تغمر بالمنتجات المصرية وكانت الأسواق المصرية تملأ بالأوانى والأسلحة والمصنوعات السورية .
ومن أهم الرحلات التجارية رحله إلى فنيقيا وعادت السفن وعددها أربعين سفينة محملة بالأخشاب والأثاث والأبواب للقصور فى عهد الملك " سنفرو" أول ملوك الأسرة الرابعة حوالى 2680 ق.م . كذلك الملك " ساحورع " أيام الأسرة الخامسة . وفى عصر الدولة الحديثة الأسرة الثامنة عشر أرسلت الملكة حاتشبسوت حوالى 1450 ق.م رحلة اسطولها الشهيرة إلى بلاد بونت وعادت السفن محملة بالعطور والأبنوس والعاج وريش النعام والأحجار الثمينة والبخور والبهرات . وإلى جانب الأتصال السلمى كان الاتصال العسكرى سواء خروج الجيش المصرى للدفاع عن مصر وتأديب البلاد الأجنبية المهاجمة لمصر أو عند غزو مصر كان ينتج عن هذه الحروب جلب أسرى من هذه البلاد وأسلاب تمثلت فى حيوانات وحلى وغيرها مما يستولى عليها الجيش المصرى وعند الغزو يأتى العدو مدججا بالسلاح أيضا مع مؤن وأدوات ساعدت على تبادل المعرفة والخبرة فى المواد والمصنوعات سواء ملابس أو حيوانات أو أسلحة أو أدوات .
وأن كان هناك دوراً رئيسيا للتجارة المصرية مع شعوب العالم القديم فهى قد ساعدت على نشر الحضارة المصرية بشكل كبير بين تلك الشعوب وتأثرت حضاراتهم بالحضارة المصرية .
الديـــــانه فى مصــــر القديمـــــــه
***************************
الدين ظاهرة اجتماعية نشأت عن الإنسان الأول تحت تأثيره وارتباطه ببعض قوى الطبيعة ومظاهره ، واضطراره إلى التقرب إليها مستهدفاً الاستزادة من النفع أو التقليل من الضرر ، ولم يكن هذا التقرب الأعلى أساس التعبد إليها وتقديسها ، وتمثلت قوى الطبيعة فى الشمس والقمر والسماء والأرض والرياح وغير ذلك ، أما مظاهرها فقد كانت حسب بيئته ، وتتمثل فى الحيوانات الضارية أو المستأنسة والطيور والأشجار والنباتات وهكذا تعددت المعبودات واختلفت فى كنهها .
وكان المصرى القديم يشعر بوجود هذه القوى ويحس بتأثيرها عليه ، وهى تأثيرات بعضها ضار وبعضها نافع ، ولكنه عندما اختار بعض منها ليقدسها ، إذ أعتقد إنها حوت شيئاً قوياً وإلهياً فى نفسها ، بمعنى أن هذه القوة المجهولة الأصل قد إختارت هذا الحيوان لتتجسد فيه . إلا إن المصرى لم يقدس هذا الحيوان كإله ، ولكنه اختار نموذج وأحد لهذا الغرض ، فمثلأ عبد البقرة " حاتحور" والتمساح "سوبك" ولكنه لم يجد حرجاً فى أن يذبح البقرة ليتغذى بلحمها ويستخدمها فى الحقل أو يقتل التمساح دفاعاً عن النفس .
وقد تكونت عند مصر القديمة نوعان من الآلهة : آلهة الكون والآلهة المحلية ، والآلهة المحلية هى التى لعبت الدور الرئيسى فى العقيدة لقربها منه ولتأثره المباشر بها وأصبح لكل أقليم معبوداً خاص به .
واستمر الحال حتى توحدت البلاد تحت حكم ملك واحد ، وهناك ظهر نوع ثالث من الآلهة . معبود الدولة الذى كان فى الأصل أحد المعبودات المحلية ، ثم استطاع حاكم إقليمه أن يفرض سيادته على مصر بأكملها ، وحتم على المصريين أجمعين أن يقدسوا معبوده ، فيصبح بالتالى معبود الدولة كلها .
وقد تميزت الديانة المصرية بالطقوس الدينية الهادئه الرزينة متأثرة بطبيعة البيئة المصرية، التى ساعدت المصريين القدماء على التفكير للتعرف على أسرار العالم الذى يعيش فيه ويتساءل كيف خلقت الأرض وبداية الحياة عليها وما كنهة السماء والنجوم . ولقد أدى هذا لوجود العديد من نظرية خلق الكون فى هليوبوليس و فى منف وفى الأشمونين .
ولقد أعتبر المصريون ملكهم إلهاً ، ولذلك هيمن على كل شئون الحكم ، فكانت كلمته هى القانون وهو الوسيط الأوحد بين الناس وعالم الآلهة وهو أيضا الكاهن الأعظم لجميع الآلهة .
وشيد المصريون المعابد الضخمة للآلهة المختلفة ، وعهدوا بالخدمة فيها إلى عدد من الكهنة ، كانت مهمتهم رعاية معبودهم والقيام على خدمته بشعائر يومية مختلفة . ولقد أعتقد المصريين أن الآلهة كالبشر يأكلون ويشربون ويتزاوجون وينجبون ، أى أن العبادة كانت توجه إلى الإله المتجسد فى التمثال الخاص به أو الحيوان الذى يرمز إليه .
وقد قسمت مصر فى العصر الفرعونى إلى 42 مقاطعه 20 فى الجنوب و22 فى الشمال لكل منها ثالوث مقدس محلى يتكون من الإلهة الأقليمى وزوجته ( الإلهة ) ثم الأبن .
ففى الأقصر كان هناك " أمون " وموت " و"خنسو" . أما منف فكان هناك " بتاح" و"سخمت " و " نفرتم " وهى ما تعرف بالإلهة المحلية للأقاليم أما إلهة الدولة الرسمية هى الإلهة المحلية التى يصبح ملوك مقاطعتهم ملوكاً على مصر . فنجد " أمون " أصبح إلاله الرسمى لمصر فى عصر الدولة الحديثة . إما بتاح فكان إلهاً رسميا لمصر فى عصر الدولة القديمة .
وهناك آلهة الكون العظمى كالشمس " رع" والقمر "اعح " وهناك أيضا " نوت " ربة السماء و"شو" رب الهواء و" جب" رب الأرض . وأن كان بعضهم كان له عبادة على الأرض ومعابد وكهنة مثل " رع " إلا أن البعض الآخر لم تكن له عبادة على الأرض أو معابد أو كهنة .
وكان لطبيعة عمل الكهنة أو رجال الدين من كونهم وسطة بين الآلهة وبين الناس ، فقد كانوا ذو مكانة عالية جداً وذوى نفوذ كبير مما أتاح لهم السيطرة على المجتمع المصرى بكل فئاته من أقل المصرين مكانه وهى الطبقة الشعبية إلى أن وصلت إلى الملوك ذاتهم فأصبح لهم المكانة العليا تفوقت فى بعض الأحيان على مكانة الملوك أنفسهم أصبحوا فى بعض العصور متحكمين فى أمور الدولة ويخضعون الملوك لسلطانهم ويبدلونهم كما حدث بعد عصر الملك " توت عنخ أمون " بتقليد قائد عسكرى عرش مصر وهو لا يمت بصله للعائلة المالكة أو يتولى بعض منهم الحكم كما حدث أبان الاسرة الخامسة بعد ظهور عبادة الشمس واشتداد نفوذ كهنة الإلة " رع" .
وإلى جانب عبادة ألهة الدنيا بأنواعها كان هناك أيضا نوعاً أخر من الآلهه وهى إلهة العالم الأخرى أو ألهة الحياة فيما بعد الموت فهناك " أوزيريس رب العالم الأخر أو رب الموتى ويتدرج تحته إلهة أخرى للعالم الأخر والموتى مثل " أنوبيس " رب الجبانة و" ماعت" ربة العدالة وغيرها من الآلهة .
أما عن عقيدة المصرى القديم فى حياة الخلود بعد الموت ، فقد أعتقد أن الموت يصيب الجسد الخارجى فقط ، ولكن هناك الروح التى صورها على هيئة طائر برأس المتوفى التى تطير إلى السماء وهناك " القرين " ويبقى مع الجسد فى القبر .
وليحى ثانية عمل المصرى على الحفاظ على الجسد بالتحنيط وتزويد المقبرة كاملة من الأدوات والأثاث والمأكولات مع الاعتقاد فى عالم الخلود فى حقول " اوزير " يارو" وهى الجنة وقد شبهها بأرض مصر .
العمــــــــاره فى مصـــر القديمـــه
***************************
انفردت العمارة المصرية بطرازها الخاص ومن أهم العوامل التى تؤثر على الطرز المعمارية فى بلد ما ومقومات البيئة وإمكانياتها من ناحية . والعقائد الدينية السائدة فى المجتمع من ناحية أخرى .
والعمارة المصرية عمارة بنائية ، استمدت أسلوبها الفنى ، واعتمدت فى طرزها على ما كان يستعمله المصرى الأول فى عصور فجر تاريخ من مواد أولية فى أبنية مثل سيقان البردى وأعواد البوص وجذوع الأشجار والحصر من القش .
ثم سرعان ما أستعمل طمى النيل بتغطية جدران المبانى بالبوص بالطين ثم أستعمل الطوب اللبن طوال الأسرة الأولى والثانى حتى حوالى 2700 ق.م . حيث بدأ استخدام الحجر عن طريق المهندس " إيم حتب " مهندس الملك " زوسر " الأسرة الثالثة بسقارة .
وقد أحتفظ البناء بالحجر بنفس طرز العمارة اللبنية بالطين . واستمرت العمارة الحجرية فى تقدمها مع نهاية الأسرة الثالثة وبداية الرابعة ببناء الأهرامات لسنفر وخوفو وخفرع ومنكاورع وكانت قمة عمارة الأهرامات تتركز فى الهرم الأكبر للملك خوفو .
ومع بداية الأسرة الخامسة والسادسة زاد الاهتمام فى الاهتمام فى العمارة بالزخارف أكثر من حجم المبنى وظهرت أعمدة بتاج زهرة البردى أو سعف النخل .
ومع تقدم العمارة أخذ المهندسون القدماء فى ترسيخ قواعد العمارة الفنية مع الاهتمام بالذوق الفنى والتقليل من الانحناءات واستقامة الإتجاهات وتقليل التعقيدات
ويرى هذا بوضوح فى المعابد المصرية التى امتازت باستقامة المحور الرئيسى وتنفيذ أسلوب المقابلة بين أجزائه التى أصبحت تتكون من مدخل بوابة ذات صرحين ومنه إلى فناء فسيح مكشوف ثم بهو الأعمدة كبير بصفوف متعددة من الأعمدة الضخمة ثم إلى بهو أعمدة أقصر ثم قدس القداس المكون من حجرة واحدة أو ثلاث حجرات حسب عدد الإلهة والشكل العام للمعابد مستطيل ثم يقسم إلى مستطيلات أصغر وهكذا .
وقد تميزت المعابد بنوع من الإضاءة الخافتة الناتجة عن تصميم نوافذ صغيرة فى الجدران أو السقوف حتى يطفو على المعبد من الداخل هيبة .
أما عمارة المنازل والقصور ، بدأت بالطوب اللبن ثم بالأحجار وكان هناك مستويات بين قصور الملوك والملكات وبين بيوت الأثرياء ثم بيوت العمال والفقراء . ولكن بشكل عام كانت تتكون من حجرات تتجمع حول فناء أو صحن واسع وعرفت القصور والبيوت دور أو دورين أو ثلاثة أدوار مع تزويدها بالحمامات ومطابخ ومخازن وحدائق .
أما منازل الطبقة الكادحة فكانت عبادة عن حجرة واحدة فقط أو حجرتان من الطوب اللبن النىء وكانت تستخدم لكافة الأغراض وتنوعت العمارة بين المدن والقرى وكذلك العواصم أو المدن الكبرى من حيث المستوى ، بل وعرفت مصر القديمة تخطيط المدن الكاملة مثل مدينة تل العمارنة التى بنيت بعد تخطيطها بالكامل وكذلك مدينة " بررعمسيس" عاصمة رمسيس الثانى وفكل منها لم تبنى تدريجيا أو عشوائياً ولكن تم تخطيطها قبل إقامتها مع تحديد مكوناتها من معابد وقصور ومنازل وغيرها . وكان هناك أيضا العمارة العسكرية المتمثلة فى الحصون والقلاع الحربية وبتصميماتها المميزة وأحسن مثال حصن سمنا وحصن قمنا فى النوبة وكذلك الحصون الشرقية .
ولم يبقى من العمارة المصرية الا القليل من المعابد تشهد على عظمة المعمارى المصرى القديم ومن أشهرها معابد الكرنك والأقصر وهابو ومعبد سيتى بأبيدوس وكوم أمبو وأدفو وأبى سمبل وفيلة ، إلى جانب الأهرام العظيمة بالجيزة وسقارة و هشور وميدوم .
الطــــــــب فى مصــــر القديمـــــه
***************************
من المرجح أن الطب قد بدأ فى مصر القديمة فى أول أمره عملياً عن طريق التجارب التى أقتضها ضرورات الحياة اليومية ، وكان يضاف إلى حصيلة هذه التجارب ما تثبت فائدته ويستغنى به عما يلحق الضرر، وكان هناك اعتقاد بوجود أرواح خبيثة تتسبب فى وجود الأمراض ، ولهذا كان الطب فى أول أمره متصلاً بالدين ومتمشياً مع السحر ، وكان معظم الأطباء من الكهنة . وكان الطبيب فى الغالب يباشر أعماله الطبية بجانب بعض الأدعية والرقى لحماية المريض من الأوراح الخبيثة . ويمكن أن تعد نوعاً من الأنواع الإيحاء بالشفاء ، إذ تؤكد النصوص المصرية أن لبعض الآلهة تأثيراً على أعضاء الجسم ، ونجد أن " رع" إلة الشمس على سبيل المثال ، قد أتخذ الوجه مكاناً له ، واحتلت " حتحور " إلهة الحب العينيين ، واستقرت تحوت إلة العلم فى باقى أعضاء الجسم .
وقد أتت هذه الفكرة من الأساطير الدينية ، وهكذا أصبح الآلة الذى يتغلب على الثعبان خير له ، والآله الذى يتغذى على لدغ العقب يصبح خير دواء له وهكذا.
وتحتفظ المتاحف العالمية فى كل من باريس وليدن ولندن وبرلين وتورين ببعض البرديات الطبية التى ألقت الضوء على الطب عن قدماء المصريين القدماء . وقد أخذت هذه البرديات إسمها من أسماء الذين حصلوا عليها أو الأماكن التى وجدت بها . ومن أشهر هذه البرديات بردية " ايبرس" وهى أشهرها وأطولها حيث يصل طولها إلى أكثرا من 20 متراً وتوجد بمتحف ليزبج منذ عام 1873 وترجع إلى 1600ق . م .
وتحوى على 87 حالة طبية ووصفات طبية وتتحدث عن أمراض العيون والجلد والمعدة والقلب والشرايين والمثانة والنساء . وأيضا هناك بردية ًأدوين سميتً بمتحف الجمعية التاريخية بنيويورك وتناقش العمليات الجراحية واصابات الجروح لإجزاء الجسم المختلفة وتحوى 48 حالة تبدأ باسم الإصابة ثم وصف الأعراض ثم العلاج ثم يبدى الطبيب رأيه وطريقة العلاج .وهناك الكثير من البرديات الطبية ترجع إلى عصور فرعونية مختلفة .
وكانت هناك مدارس طبية متخصصة ملحقه بالمعابد الكبرى هذا غير الأطباء الموجودين فى كل المدن الأخرى ، بل وفى القرى وكان من أشهر أطباء مصر القديمة والذى كان يطلق عليه " سونو" بمعنى طبيب هو " إيم حتب " طبيب ومهندس الملك زوسر أول ملوك الدولة القديمة الأسرة الثالثة حوالى 2700 ق . م . والذى إله كإله الطب اليونانى . وهناك الطبيب " إيرى " من الدولة القديمة وهو متخصص فى أمراض العيون . وكان هناك أطباء " ممارس عام " لكل الفئات وهناك أطباء الجيش وأطباء القصور الملكية .
وقد قسم الأطباء إلى تخصصات مختلفة فهناك أطباء العيون وأطباء الأسنان والجراحة والأطباء الصيادلة إلى جانب الأطباء المحنطين للمومياوات .
وقد لقد لعبت الآلهة دوراً كبيراً هاماً فى الطب ، فهناك الإلهة " إيزيس" ربة الشفاء التى أشفت ابنها " حورس" من كل جراحة بعد قتاله مع عمه " ست " قاتل أبية كما ورد فى اسطورة " إيزيس وأوزويس" وكانت مهتمة بالسحر وهى التى أشفت الآلة "رع " من صداع رأسه . وهناك الإلهة " سخمت" ربة الجراحة وحامية الجراحين . وهناك " خنوم " الإلة الخالق الحامى للحوامل والمختص بشئون الولادة . وهناك " أنوبيس " رب التحنيط والعقاقير الطبية ثم الإله " تحوت " إله العلم والحكمة ، ونسب إليه اليونانية إختراع الصيادلة والطب .
وكان العلاج عند المصريين القدماء قسمين : علاج ما هو ظاهر وعلاج ما هو باطن ويتمثل الأول فى العمليات الجراحية البسيطة والكسور ويتمثل الثانى فى الأمراض الباطنة . ويتميز العلاج الأول بالخبرة والمهارة والملاحظة الدقيقة لوظائفه الجسم وقد استخدم الجراحين المصريين آلات جراحية متنوعة من مشارط وملاقط ومقصات ومساكات وأبر وردت على جدران المعابد فى كوم أمبو وفى المقابر وعثر على العديد منها فى المقابر ومعروضة فى المتحف المصرى . ووردت على جدران المقابر بعض حالات الكسور والرمد وإعادة الكوع المخلوع وغيرها من العمليات البسيطة . أما النوع الثانى فيعتمد على الأدوية والعقاقير والسحر ، الذى إعتبر نوعاً من أنواع العلاج النفسى لإتمام الشفاء .